تتنوع مناطق الملاحة الدولية البحرية بين مياه داخلية وإقليمية، ومنطقة المرور البريء، إلى جانب المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، وبإمكان الدولة الساحلية استغلال تلك المناطق بحسب ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها معاهدة جامايكا 1982، التي دخلت حيز التنفيذ عام 1994.
المياه الداخلية
يوضح قانون البحار لعام 1982 أن المياه الداخلية هي “تلك الأجزاء من البحر التي تتغلغل في إقليم الدولة وتتداخل فيه، والتي بحكم موقعها تخضع لقواعد خاصة غير القواعد التي سبق ذكرها ولها علاقة بأعالي البحار والبحر الإقليمي”، مبرزا أنها تشمل الموانئ والأحواض البحرية والخلجان والبحار الداخلية.
المياه الإقليمية
حسمتها اتفاقية جامايكا لعام 1982 بتوضيح أن “لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميلا بحريا بدءا من خطوط الأساس المقررة وفقا لأحكام هذه الاتفاقية”.
حيث إن من حق كل دولة ممارسة سيادتها على مجالها الإقليمي البحري، ابتداء من الأعمال الشرطية، وتحديد المراسم البحرية التي يجب على السفن البحرية اتباعها، وتنظيم الملاحة والتجارة داخلها.
وتمتد السيادة إلى قاع البحر، حيث بإمكان الدولة الاستفادة مما يضمه قاع البحر واستغلاله. ونصت اتفاقية 1982 على أن سيادة الدولة تمتد إلى “النطاق الجوي الذي يعلو البحر الإقليمي وكذا قاع هذا البحر وما تحته من طبقات”.
المرور البريء
من أهم ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية برشلونة 20 أبريل/نيسان 1921، ومؤتمر جنيف لشؤون البحار الذي عقد يوم 27 أبريل/نيسان 1958، فتح المياه الإقليمية للمرور البريء، وقد تعني العبور إلى أحد موانئ الدولة أو الخروج منها إلى المياه الدولية. وقد دخل الخبراء القانونيون في نقاشات ساخنة حول ضرورة قصر المرور البريء على السفن التجارية، أما السفن الحربية فمن حق الدولة فرض الشروط التي تريد.
وعلى السفينة التي تستفيد من المرور البريء احترام سلامة وأمن الدولة التي لها سيادة على إقليمها البحري، وعدم الإضرار بمصالحها الاقتصادية، ويسمح القانون للدول باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية مياهها الإقليمية.
غير أن خبراء القانون يؤكدون أنه ليس من حق الدولة منع أو إعاقة مرور سفن أجنبية عبر مياهها الإقليمية ما لم تضر بمصالحها.
ويبقى من حق الدولة مطاردة كل سفينة لا تلتزم بقوانين وأعراف المرور البريء، ولو خارج المياه الإقليمية، لكن شريطة أن تكون هناك قرائن قوية على ارتكاب السفينة خرقا قانونيا أثناء مرورها بالمياه الإقليمية.
المنطقة الاقتصادية الخالصة
تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى مئتي ميل بحري بحسب اتفاقية 1982، حيث بإمكان الدول الملاصقة لها ممارسة بعض الاختصاصات لكن من دون التأثير على الوضع القانوني لتلك المنطقة، على اعتبار أن المنطقة الاقتصادية الخالصة لا تخضع لسيادة الدولة الساحلية.
وبإمكان الدولة المشاطئة إقامة جزر صناعية ومنشآت إلى جانب الاستفادة من خيرات تلك المياه، لكن بشرط أن تعلن عن مشاريعها للدول الأخرى وتسمح لها بممارسة حق الاستغلال في الصيد والبحث العلمي وحفظ الموارد الحية.
الجرف القاري
بدأ الحديث عن الجرف القاري عام 1945 عندما تحدث الرئيس الأميركي وقتها ترومان عن أن من حق الولايات المتحدة الأميركية -الخارجة وقتها منتصرة قوية من الحرب العالمية الثانية استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في قاع البحر وما تحت القاع تحت مياه أعالي البحار بمحاذاة سواحل البلاد.
تصريح أثار ردود فعل لدول أخرى مثل البيرو والتشيلي والدومينيكان، التي سارعت لتبني الإعلان نفسه لمصلحتها، ما دفع المؤسسات الدولية المعنية لبحث المسألة وإيجاد مخرج لها.
وجاء لقاء مونتيغو باي في جامايكا عام 1982 ليتبنى معاهدة قانون البحار الذي دخل حيز التنفيذ في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1994، ويوضح بصفة كاملة ما يتعلق بقانون البحار، وبينها التعريف الدقيق للجرف القاري.
وتقول المادة 76 من القانون “يشمل الجرف القاري لأي دولة ساحلية قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية، أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة”.
وفي حالة كانت الحافة القارية للدولة الساحلية تمتد إلى أبعد من 200 ميل بحري، فتحدد المعاهدة مسافة الجرف القاري في هذه الحالة إلى 350 ميلا.